عقيل محمد Admin
المساهمات : 99 تاريخ التسجيل : 21/03/2016 العمر : 26 الموقع : بحري
| | ما حكم من سب الدين ؟ | |
لحمد لله " الحكم فيمن سب الدين الإسلامي أنه يكفر ، فإن سب الدين والاستهزاء به ردة عن الإسلام وكفر بالله عز وجل وبدينه ، وقد حكى الله عن قوم استهزؤوا بدين الإسلام حكى الله عنهم أنهم كانوا يقولون : إنما كنا نخوض ونلعب ، فبين الله عز وجل أن خوضهم هذا ولعبهم استهزاء بالله وآياته ورسوله ، وأنهم كفروا به فقال تعالى : ) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ( التوبة/65, 66 . فالاستهزاء بدين الله ، أو سب دين الله ، أو سب الله ورسوله ، أو الاستهزاء بهما كفر مخرج عن الملة ومع ذلك فإن هناك مجالاً للتوبة منه ، لقول الله تعالى : ) قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ( الزمر/53 . فإذا تاب الإنسان من أي ردة كانت توبةً نصوحاً استوفت شروط التوبة الخمسة ، فإن الله يقبل توبته . وشروط التوبة الخمسة هي: الشرط الأول : الإخلاص لله بتوبته ، بأن لا يكون الحامل له على التوبة رياء أو سمعة ، أو خوفاً من مخلوق ، أو رجاء لأمر يناله من الدنيا فإذا أخلص توبته لله وصار الحامل له عليها تقوى الله عز وجل والخوف من عقابه ورجاء ثوابه ، فقد أخلص لله تعالى فيها. الشرط الثاني : أن يندم على ما فعل من الذنب ، بحيث يجد في نفسه حسرة وحزناً على ما مضى ، ويراه أمراً كبيراً يجب عليه أن يتخلص منه . الشرط الثالث : أن يقلع عن الذنب وعن الإصرار عليه ؛ فإن كان ذنبه تَرْكَ واجبٍ قام بفعله وتَدَارَكَه إن أمكن ، وإن كان ذنبُه بإتيانِ محرمٍ أقلع عنه ، وابتعد عنه ، ومن ذلك إذا كان الذنب يتعلق بالمخلوقين ، فإنه يؤدي إليهم حقوقهم أو يستحلهم منها. الشرط الرابع : العزم على أن لا يعود في المستقبل ، بأن يكون في قلبه عزم مؤكد ألا يعود إلى هذه المعصية التي تاب منها. الشرط الخامس : أن تكون التوبة في وقت القبول ، فإن كانت بعد فوات وقت القبول لم تقبل ، وفوات وقت القبول عام وخاص : أما العام ؛ فإنه طلوع الشمس من مغربها ، فالتوبة بعد طلوع الشمس من مغربها لا تقبل ، لقول الله تعالى : ) يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلْ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ ( الأنعام/158 . وأما الخاص ؛ فهو حضور الأجل ، فإذا حضر الأجل فإن التوبة لا تنفع لقول الله تعالى : ) وَلَيْسَتْ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ ( النساء/18 . أقول : إن الإنسان إذا تاب من أي ذنب - ولو كان ذلك سب الدين - فإن توبته تقبل إذا استوفت الشروط التي ذكرناها . ولكن ليعلم أن الكلمة قد تكون كفراً وردة ، ولكن المتكلم بها قد لا يكفر بها ، لوجود مانع يمنع من الحكم بكفره ، فهذا الرجل الذي ذكر عن نفسه أنه سب الدين في حال غضب ، نقول له : إن كان غضبك شديداً بحيث لا تدري ماذا تقول ، ولا تدري حينئذ أأنت في سماء أم في أرض ، وتكلمت بكلام لا تستحضره ولا تعرفه ، فإن هذا الكلام لا حكم له ، ولا يحكم عليك بالردة ، لأنه كلام حصل عن غير إرادة وقصد ، وكل كلام حصل عن غير إرادة وقصد فإن الله سبحانه وتعالى لا يؤاخذ به ، يقول : الله تعالى في الأيمان : ) وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الأَيْمَانَ ( المائدة/89 . فإذا كان هذا المتكلم بكلمة الكفر في غضب شديد لا يدري ما يقول ، ولا يعلم ماذا خرج منه ، فإنه لا حكم لكلامه، ولا يحكم بردته حينئذ ، وإذا لم يحكم بالردة فإن الزوجة لا ينفسخ نكاحها منه ، بل هي باقية في عصمته . ولكن ينبغي للإنسان إذا أحس بالغضب أن يحرص على مداواة هذا الغضب بما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم ، حين سأله رجل ، فقال له : يا رسول الله ، أوصني قال : )لا تغضب( فردد مراراً ، قال : ) لا تغضب ( . فلْيُحْكِم الضبط على نفسه ، وليستعذ بالله من الشيطان الرجيم ، وإذا كان قائماً فليجلس ، وإذا كان جالساً فليضطجع ، وإذا اشتد به الغضب فليتوضأ ، فإن هذه الأمور تذهب غضبه . وما أكثرَ الذين ندموا ندماً عظيماً على تنفيذ ما اقتضاه غضبهم ، ولكن بعد فوات الأوان" اهـ . "مجموع فتاوى الشيخ إبن العثيمين 2/152 | |
|